"مارودار" هو عنوان معرض إيلي بورجيلي في "غاليري جانين ربيز"، الروشة، المستمر الى 21 تشرين الثاني، والمحتفي بالخفة والحركة والارتجال الصبياني، بما يستقطب عين المتلقي ويستدرجها الى حلبة اللعب بالأشياء كأنها دمى وأدوات وألعاب مشتقة من عالم يذكّرنا بـ"الأمير الصغير" لسانت اكزوبيري.
ليس على المتلقي ان يتصور انه امام اعمال موجهة إلى الصغار بل هي قصائد مختصرة لأحلامهم. هذا كان انطباعي الأول عندما تجاوزت عتبة الصالة حيث نحوٌ من عشرين عملاً مكوّنة من ملصقات وتجميعات هي أقرب الى لعبة الفقير في قصيدة بودلير Le jouet du pauvre.
تضعنا الأعمال أمام شطارة واثقة في التصور وفي التطبيق، فنعبر المسافة بين لوحة واخرى كأننا نعبر أنهراً مجهولة من جغرافيا البشر. وفي حين اننا نغرق في التفاهات اليومية احياناً، وفي الدهاليز الأمنية المرعبة احيانا اخرى، تطير الشخوص المقصوصة والملصقة على ارضية كرتونية مونوكرومية متروكة في حالتها الخام ومثبتة بطريقة حرفية مضحكة، لتحط على المكان بشكل عشوائي متجاهلةً قواعد الجاذبية.
كل ما نراه في هذه المجموعة هو أناشيد ملحمية لأحلام تكاد أن تكون من يوميات الطفل الذي يلعب اليوم بما سكن طفولة ملايين الاطفال على الكرة الارضية. مكوّنات غير متوقعة تحتل صدر اللوحة، من حولها ترقص تزيينات واقعية لشخصيات مشتقة من حكايات ومغامرات كتبت بلغات غرافية او كتابية او تصويرية. يعمد بورجيلي الى اختراع نوع من مخطوطات شبه ممحوة تتضمن ايحاءات مجمدة لمخلوقات غير واضحة الهوية.
الألوان خجولة بعد الشيء لأنها تروي أساطير أو قصصاً من تاريخ يخص كل أولاد الأرض، وهو تاريخ لا يتمتع بمزايا تعريفية واضحة.
انها تماشي المعاصرة من دون ان تسجلها وقائع تشكيلية. انها مفتوحة على ملحقات او تطورات قد تلتصق بمستقبل آت يستطيع أن يتابع مسيرتها وتطلعات مركبها كأنها من مفردات يمكن ان تتآلف مع تجديد وتحويل وتدمير وفق معطيات طارئة او مفاجئة.
قبل أن أقفل باب الطفوليات- التذكارات أود أن أعترف ببهجتي عندما شاهدت المعرض. لكأنني أمام ألبوم من أشرطة مصورة، مقارنةً بتحفظي عن معرضه السابق الذي أقامه من مدة قصيرة في المركز الثقافي الفرنسي.
تجب الاشارة ايضا الى ان اسلوبه اليوم يستوجب التعليق والاعتراف ايضا بمسيرة رفاقه ومعاصريه وابحاثهم واكتشافاتهم، وخصوصاً شارل خوري وجوزف حرب اللذين يطبقان الرسم واللصق والجمع والتركيب وغيرها.
لور غريّب | النهار